Admin Admin
المساهمات : 201 تاريخ التسجيل : 03/03/2015
| موضوع: حق الحماية والأمن لغير المسلمين: الأربعاء مايو 11, 2016 12:58 pm | |
| حق الحماية والأمن لغير المسلمين:من حقوق غير المسلمين في المجتمع الإسلامي أن يتوفَّر لهم التمتُّع بحماية الدولة الإسلامية، ويكونوا في مأمن من كلِّ عدوان خارجي وظُلْم داخلي كالمسلمين الموجودين في داخل الدولة الإسلامية.حق الحماية من الاعتداء الخارجي:يجب على الحاكم أو ولي الأمر أن يُوفِّر لغير المسلمين في المجتمع الإسلامي هذه الحماية بما له من سلطة شرعيَّة، وما لديه من قوة عسكريَّة، جاء في "مطالب أولي النهى": "يجب على الإمام حِفْظ أهل الذِّمة، ومنْع مَن يؤذيهم، وفك أَسْرهم، ودفع من قصدهم بأذى إن لم يكونوا بدار حرب، بل كانوا بدارنا، ولوكانوا منفردين ببلد"، وعلَّل ذلك بأنهم: "جَرتْ عليهم أحكام الإسلام، وتأبَّد عقدهم، فلَزِمه ذلك كما يَلزَمه للمسلمين".وهذا شيخ الإسلام ابن تيميَّة، حينما تغلَّب التتارُ على الشام، ذهب ليُكلِّم "قطلوشاه" في إطلاق الأسرى، فسمح القائد التتري للشيخ بإطلاق أسرى المسلمين، وأبى أن يسمح له بإطلاق أهل الذمة، فما كان من شيخ الإسلام إلا أن قال: لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسارى من اليهود والنصارى، فهم أهل ذمتنا، ولا نَدَع أسيرًا، لا من أهل الذمة، ولا من أهل الملة، فلما رأى إصراره وتشدُّده، أطلقهم له، وذكَر الإمام القرافي في كتابه "الفروق" حقَّ الحماية لغير المسلمين نقلاً عن ابن حزم في مراتب الإجماع له: "أن من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يَقصِدونه، وجَب علينا أن نخرج لقتالهم بالكُراع والسلاح، ونموت دون ذلك؛ صونًا لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعَقْد الذمة"، وحكى في ذلك إجماع الأمة.حق الحماية من الظلم الداخلي:يقول القرافي: عَقْد الذمة يُوجِب حقوقًا علينا لهم؛ لأنهم في جوارنا، وفي خفارتنا، وذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، ودين الإسلام، فمَن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء، أو غِيبة في عِرْض أحدهم، أو نوع من أنواع الأذية، أو أعان على ذلك، فقد ضيَّع ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم وذمة دين الإسلام، وقد مضى فيما سبق ما ورد في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف من الوعيد الشديد على الظلم وعدم القيام بالعدل والقِسْط، ولا سيما إذا كان الظلم يتعرَّض له غير المسلمين من أهل الذمة والعهد والأمان، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((مَن ظلم مُعاهدًا، أو انتقصه حقًّا، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طِيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة))، (( وإن الله - عز وجل -لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن، ولا ضرب نسائهم، ولا أكل ثمارهم، إذا أعطوكم الذي عليهم)) ، (( مَن آذى ذميًّا، فأنا خَصْمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة، مَن آذى ذميًّا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله))؛ رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن، وكان من طبيعة النبي صلى الله عليه وسلم السماحة فى المعاملة مع أصحاب الديانات الأخرى، فكان يَحترِم شعورَهم وعباداتهم، يحفظهم ويُحافِظ عليهم، تاركًا لهم حرية العبادة، لقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم وثيقةً لرهبان دير سانت كاترين؛ ففى سنة ست للهجرة أعطى الرهبان وثيقة تنص على رعاية حقوقهم، والوفاء لهم بالعهود، وقد ألزم فيها المسلمين الدفاعَ عن النصارى، وحمايتهم من الأذى، وصيانة كنائسهم، وألا يحملوهم على الخروج إلا ما طابت له نفوسهم، وألا يُخرِجوا أسقفًا ولا راهبًا من رهبانيته، وألا يحولوا بينهم وبين هوى دينهم، وألا يَهدِموا كنائسهم أو بِيَعهم، وألا يدخلوا من مال كنائسهم فى بناء مساجدهم، وألا يحملوا على الرهبان والأساقفة ولا من يتعبَّد جزية ولا غرامة، وأن يُعاوِنوهم فى إصلاح الكنائس والأديرة، ويحفظوهم تحت جناح الرحمة، ويَكُفوا عنهم أذى المكروه حيثما كانوا وحيثما رحلو.وكان عمر رضي الله عنه يسأل الوافدين عليه من الأقاليم عن حال أهل الذمة؛ خشية أن يكون أحد من المسلمين قد أفضى إليهم بأذى، فيقولون له: "ما نعلم إلا وفاءً"، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: "إنما بذلوا الجزيةَ لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا"، وفي عهد الرشيد كانت وصية القاضي أبي يوسف له بأن يَرفُق بأهل الذمة، حيث يُخاطِبه بقوله: "ينبغي يا أمير المؤمنين - أيَّدك الله - أن تتقدَّم في الرِّفق بأهل ذمة نبيك وابن عمك محمد صلى الله عليه وسلم، والتفقُّد لهم؛ حتى لا يُظلَموا ولا يُؤذوا ولا يُكلَّفوا فوق طاقتهم، ولا يؤخذ من أموالهم إلا بحق يجب عليهم".وقد صرَّح فقهاء المسلمين من جميع المذاهب الاجتهادية بأن على المسلمين دفع الظلم عن أهل الذمة، والمحافظة عليهم؛ لأن المسلمين حين أعطوهم العهدَ قد التزموا بدفع الظلم عنهم، وهم صاروا به من أهل دار الإسلام، بل صرَّح بعضهم بأن ظلم غير المسلم أشدُّ من ظلم المسلم إثمًا؛ وقد ذكر ابن عابدين في حاشيته ما نصه: وتَحرُم غِيبته كالمسلم؛ لأنه بعقد الذمة وجب له ما لنا، فإذا حَرُمت غِيبة المسلم حرمت غيبته، بل قالوا: إن ظلم الذمي أشد. | |
|