الفَصْلُ الرَّابع: الدَّولة الإسلاميَّة
نشأتها، وظائفها، علاقاتها الخارجية، حصاناتها، زوالها
المبحث التمهيدي ـ مقدمات
المبحث الأول ـ أركان الدولة الإسلامية ونشأتها وشخصيتها :
المطلب الأول ـ أركان الدولة الإسلامية :
الركن الأول ـ الشعب :
الركن الثاني ـ الإقليم :
الركن الثالث: السيادة :
المطلب الثاني ـ نشأة الدولة الإسلامية :
المبحث الثاني: خصائص الدولة الإسلامية ومقارنتها بالدولة الحديثة :
المبحث الثالث - وظيفة دولة الإسلام:
المبحث الرابع ـ حصانات الدولة وإعفاءاتها في الخارج
المبحث الخامس ـ تغير حالة الدولة الإسلامية وزوالها وآثار ذلك
المبحث الأول ـ أركان الدولة الإسلامية ونشأتها وشخصيتها
المطلب الأول ـ أركان الدولة الإسلامية :
تمهيد :
11. ..........
الدولة في العرف الحديث: مجموع كبير من الناس يقطن بصفة دائمة في إقليم جغرافي معين، ويخضع لسلطة عليا أو تنظيم سياسي معين.
يظهر من هذا التعريف التقليدي للدولة أن عناصرها أو أركانها ثلاثة: هي الشعب أو مجموعة من الأفراد، والإقليم، والسلطة الحاكمة. ويربو عدد الدول الآن على (170) دولة.
وتتصف الدولة بوصفين أو خاصتين: وهما السيادة والشخصية المعنوية أو القانونية، فالسيادة هي المعيار التقليدي للدولة، أي الذي يميزها عن غيرها من الجماعات .
وسأبحث هنا ركنين من أركان دولة الإسلام: وهما الشعب والإقليم وأبحث أيضاً وصف (السيادة) الذي يعتبره بعض فقهاء القانون الدستوري ركناً من أركان الدولة .
فصارت مواضيع هذا المبحث ثلاثة: الشعب والإقليم والسيادة.
الركن الأول ـ الشعب :
أولاً ـ موقع هذا الركن مادياً وأساسيته في مفهوم الدولة الإسلامية :
12. .......
الشعب أو الأمة في المفهوم الحديث يقوم على عنصرين: عنصر مادي وهو الاستقرار على بقعة معينة من الأرض ، وعنصر معنوي: وهو الرغبة في الحياة المشتركة. ويعتبر أول عناصر الدولة هو العنصر الإنساني وهو الشعب، وتعد ضخامة عدد أفراد الدولة الحديثة من مميزاتها إذا قورنت بدولة (المدينة) السياسية القديمة.
والشعب في مفهوم تكوين الدولة الإسلامية هو شعب دار الإسلام الذي يتألف من المسلمين الذين يؤمنون برسالة الإسلام ديناً وشرعاً وعقيدة ونظاماً سياسياً ومن الذميين، أي غير المسلمين الذين يقيمون إقامة دائمة في دار الإسلام، فمن هؤلاء جميعاً يتكون شعب الدولة الإسلامية أو رعاياها الذين يرتبطون في المفهوم الحديث برابطة سياسية وقانونية هي رابطة الجنسية أو الرعوية.
وتنحصر غاية المسلمين في توحيد الله والدعوة إليه وإلى تطبيق الدستور الإسلامي في الحياة عامة في كل مكان، دون تمييز بين الناس إلا على أساس العقيدة والفضيلة والكفاية والكفاح التي تجمعها كلمة (التقوى).
ولقد كان الهدف من تركيز هجرة المسلمين إلى المدينة وتلاقيهم مع الأنصار هو إيجاد ركيزة الشعب المكون للدولة الإسلامية الأولى، إذ لا يمكن لدولة أن تعيش في فراغ عن السكان، كما أن تنفيذ شريعة الإسلام أيضاً يتطلب وجود المكلفين المؤمنين بها. وقد يوجد مع شعب الدولة مؤقتاً مستأمنون أو أجانب بلغة العصر.
ثانياً ـ اختلاف هذا الركن عن نظيره في المفهوم الحديث للدولة :
13. .......
يختلف مدلول الشعب في الدولة الإسلامية عن مدلوله في المفهوم الحديث للدولة، فالشعب أو الأمة في المفهوم الحديث شعب محصور في حدود جغرافية، يعيش في إقليم واحد، تجمع بين أفراده روابط من الدم أو الجنس أو اللون أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العادات والمصالح المشتركة أي أن الشعب يقوم في الغالب على أساس عنصري.
أما الشعب في مفهوم الدولة الإسلامية فإنه يقوم على أساس مبادئ وغايات أساسها ما جاء به الإسلام من نظام صالح للحياة البشرية قائم على محاربة العنصرية أو القبلية أو العصبية الإقليمية أو القومية. والرابطة أصلاً هي الوحدة في العقيدة أي في الفكرة والوجدان، فكل من اعتنق الإسلام من أي جنس أو لون و وطن وكل من التزم أحكام الإسلام من غير المسلمين وأقام في دار الإسلام، فهو أحد مواطني دولة الإسلام، مما يدل على أن نظرة الإسلام إنسانية وأفقه عالمي، لأن أساس تجمع الأفراد المكونين للدولة الإسلامية ليس هو الأرض ولا اللون ولا اللغة ونحوها، وإنما أساس الارتباط بالدولة هو إما الإقرار بعقيدة الإسلام أو الولاء السياسي للدولة الإسلامية.
14. ......
ومن هنا يتحدد مفهوم الأمة والقومية في الإسلام:
أما الأمة في مفهوم الإسلام فليست هي التي تربط بين أفرادها وحدة الجنس أو اللون أو اللغة أو وحدة المكان. وإنما هي التي تجمع بينها رابطة العقيدة والأخلاق.
وأما القومية في نظر الإسلام فهي رابطة تنظيمية تؤلف بين جماعة تعيش في رقعة ذات حدود جغرافية متعاونة في تدبير شؤونها ومصالحها المشتركة، دون انعزال عن الأقوام الأخرى التي تقيم في رقعات أرضية أخرى، فهي دعوة للتعارف والتآلف بين القوميات المتعددة المنتشرة في بقاع العالم، وليست دعوة للانعزال أو التعصب
وبعبارة أخرى: هي أن القومية في كل صورها الحديثة تتنافى مع مبادئ الإسلام، لأن الإسلام يقرر مبدأ المساواة التامة بين الناس، ويقيم وحدة المسلمين على أساس الأخوة أو الاشتراك في عقيدة واحدة ونظرة أخلاقية واحدة تسمو فوق اعتبارات الجنس والنشأة واللغة، قال الله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا. إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات:13/49]، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «ليس لأحد فضل على أحد إلا بدين أو تقوى، الناس كلهم بنو آدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى» ،
وقال أيضاً: «يا معشر قريش، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، أيها الناس، كلكم من آدم، وآدم من تراب لا فخر للأنساب، لا فضل للعربي على العجمي، ولا للعجمي على العربي، إن أكرمكم عند الله أتقاكم» ،
وفي حديث آخر: « ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية» .
وذلك يعني أن الإسلام هدم برج العصبية القاتلة، والعنصرية السقيمة البغيضة لأنها تفرق الجماعات، وتولد الأحقاد والشرور والمنازعات، وأحل محلها الإنسانية العالمية، لأنها سبيل الإخاء والمحبة والسلام .
الركن الثاني ـ الإقليم :
أولاً ـ موقع هذا الركن مادياً واختلافه عن نظيره في المفهوم الحديث للدولة :
15. ......
يشمل إقليم الدولة الإسلامية جميع البلاد الإسلامية، فهو يتحدد بحدود دار الإسلام مهما اتسعت رقعتها، ودار الإسلام: (اسم للموضع الذي يكون تحت يد المسلمين) . وهذا يعني ضمناً أن حدود إقليم الدولة الإسلامية ليست ثابتة أو دائمة ، إذ أنه يجب شرعاً تبليغ الدعوة الإسلامية إلى العالم،
وعندئذ تنتقل الحدود بانتقال سلطان الإسلام إلى البلاد الأخرى، فكلما اتسع نطاق سلطان المسلمين اتسعت الأقاليم الإسلامية. ولا يراد بالوطن عند فقهاء الإسلام إلا مكان إقامة الشخص الدائمة، أي بلده التي يقيم فيها عادة، أو محل سكناه.
فإذا وقف سلطان امتداد الإسلام تحدد الإقليم تحت وطأة الضرورة والظروف بالحدود التي وقف عندها، وأصبحت حدود دار الإسلام مقيدة من الناحية الواقعية بهذه الحدود .
إلا أن الإسلام حين يزيل الحواجز الجغرافية أو العنصرية التي تقوم عليها فكرة الوطن القومي، فإنه لا يلغي فكرة الوطن على الإطلاق، لأن تعلق الإنسان بوطنه أمر فطري، حتى إن حبه يملأ نفسه ومشاعره، لذا فهو أي الإسلام يبقي على المعنى الطيب وحده لهذه الفكرة: معنى التجمع والتآخي والتعاون والنظام والمشاركة في الأفراح والأحزان، والالتفاف مع الإخوان في الوطن حول الهدف الأعلى المشترك ،
وبالتالي فالوطن فكرة في الشعور لا رقعة من الأرض نعيش فيها، هذه الفكرة يجتمع في ظلها الناس من كل جنس ولون وأرض . وكما أن ركن (الشعب) يختلف عن نظيره في المفهوم الحديث للدولة من حيث إن الإسلام يقرر (اللاعنصرية)
فدولة الإسلام ليست دولة عنصرية محدودة بحدود أرض القوم والجنس والعنصر، وإنما هي دولة فكرية تمتد إلى المدى الذي تصل إليه عقيدتها، دون أن يكون هناك امتيازات تقوم على أساس الجنس أو اللون أو الإقليم ، كذلك فإن ركن (الإقليم) يختلف عن نظيره في المفهوم الحديث للدولة من حيث إن الإسلام يقرر مبدأ (اللا إقليمية) .
(ملاحظة 1) إذا كان نظام الدولة الحديث يقوم على أساس فكرة الأمة التي يرتبط أفرادها بروابط الجنس واللغة والدين أو بالروابط الاقتصادية أو الجغرافية أو التاريخية، فإن مفهوم الأمة الذي يقوم عليه نظام الدولة المسلمة أوسع مدى، فهي تشمل كل من آمن بالإسلام أو التزم أحكام الإسلام، مهما كان جنسه أو لونه أو أصله أو لغته، لأن رابطة الأخوة الإسلامية فوق رابطة الجنسية ورابطة الإقليمية أو التوطن في بلد معين.
(ملاحظة 2) أما من الناحية المثالية فإن إقليم الدولة الإسلامي غير محدود، شأنه شأن الخطاب التكليفي غير محدد إطلاقاً بإقليم محصور معين، ولا مقيد برابطة الجنسية أو الموطن، بل هو خطاب مطلق من كل قيد، وموجه إلى المسلمين والبشر جميعاً، بغض النظر عن الروابط الإقليمية، يعني أن الشريعة ليست ذات صبغة إقليمية وإنما هي ذات صبغة عامة أو عالمية. إلا أن سلطة الدولة الإسلامية مقيدة في الواقع بحدود دار الإسلام لعدم قدرتها على التنفيذ الجبري لأحكامها في خارج دار الإسلامي
ثانياً ـ مشمول إقليم الدولة :
16. .......
يظهر من تعاريف الفقهاء لدار الإسلام أن إقليم الدولة الإسلامية يشمل كل موضع أو جزء من البلاد خاضع لسلطان المسلمين . وبناء عليه يكون مشمول إقليم الدولة ما يأتي:
1 - ما هو جزء أساسي من الإقليم :
يشمل إقليم الدولة كل ما يدخل في تكوينها الجغرافي أو الطبيعي، وهو مايأتي:
أ ـ الأرض: أي الجزء اليابس أو الرقعة التي يعيش عليها المسلمون وتخضع لسلطانهم أو ولايتهم، سواء أكانت مدينة أو قرية أو صحراء أوغابة أو جبل أو جزيرة .
وكذلك يعتبر ما في باطن الأرض من محتويات تابعاً للدولة بدليل إيجاب الخمس للمصالح العامة فيما يخرج من الأرض من المعادن والركاز والباقي للمالك. وهذا يعني أن ملك الأرض يستتبع ملك ما تحتها وما فوقها عملاً بالقاعدة الشرعية: (من ملك شيئاً ملك ما هو من ضروراته).
ب ـ الأنهار الوطنية: وهي التي تمر من منبعها إلى مصبها في أراضي دار الإسلام كأنهار مصر والشام والعراق ونحوها.
جـ ـ المياه الساحلية أو البحر الإقليمي: وهي قسم محدد من البحر ملاصق لأرض الدولة التي تنتهي حدودها إلى البحر.وتابعيتها لدار الإسلام بناء على مبدأ إحراز المباح، لأن من سبق إلى مالم يسبق إليه أحد من المباحات فهو له كما قال النبي صلّى الله عليه وسلم .
وفي حكم ذلك ما يعرف بالمنطقة المجاورة (أو الملاصقة أو التكميلية تعتبر جزءاً من دار الإسلام. ومثلها أيضاً الامتداد القاري .
وأما المياه الداخلية القائمة في داخل أراضي دار الإسلام فهي جزء من إقليم الدولة المسلمة بلا نزاع، لأنها خاضعة لنفوذ المسلمين وتحت أيديهم.
2 - ما هو امتداد أو ملحق بالإقليم اعتباراً :
17. .........
تعتبر وسائل النقل الدولية من سفن وقطارات دولية تمر في أقاليم دولة أخرى، وطائرات، جزءاً ممتداً من إقليم دار الإسلام، فإن كانت هذه الوسائل حربية فتخضع لسيادة الدولة الإسلامية وتطبق عليها الشريعة باتفاق الحنفية وغيرهم قياساً على اعتبارهم أرض المعسكر الإسلامي جزءاً من دار الإسلام.
فإن كانت هذه الوسائل تجارية أو مدنية:
ففي أصل المذهب الحنفي الذي يقرر أن لا ولاية للسلطة المسلمة على جرائم دار الحرب: إن كانت في مياه أو أراض أوأجواء تابعة لدار الحرب، فلا تخضع لسيادة الدولة الإسلامية.
إن كانت في مناطق تابعة لدار الإسلام، أو حرة غير تابعة لأحد، كما لو كانت في وسط البحر مثلاً، فتخضع لسيادة الدولة الإسلامية وتطبق عليها الشريعة. وبما أنه يمكن الآن ممارسة ولاية الدولة على هذه الوسائط في أراضي دولة أخرى، فإن هذه الوسائل في جميع الحالات تخضع لسيادة الدولة المسلمة، عملاً بقاعدة: (الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً).
وفي رأي غير الحنفية القائلين بمعاقبة رعايا الدولة الإسلامية على الجرائم التي يرتكبونها في أي مكان عند عودتهم لدار الإسلام: تخضع هذه الوسائل لسيادة الدولة الإسلامية مطلقاً سواء أكانت في مناطق تابعة لدار الحرب أو لدار الإسلام أو حرة .
3 - ما هو جزء من إقليم الدولة، ولكن عليه حقوق ارتفاق لدولة أخرى :
18. .......
يشمل هذا العنصر منطقتين تعتبران من إقليم الدولة الإسلامية لولايتها وسلطانها عليهما وهما:
أ ـ الجزء الواقع في إقليم الدولة من الأنهار الدولية: إذ أن هذا الجزء خاضع لسيادة الدولة الإسلامية، وتمارس سلطانها عليه، وإن كان لا مانع عن طريق الاتفاق أو التبادل ونحوهما من انتفاع الدول الأخرى بالملاحة فيه ونحوها، كما هو الشأن في نطاق الملكية الخاصة بتقرير حقوق ارتفاق عليها بسبب الجوار ونحوه.
ب ـ طبقات الجو عمودياً: يشمل إقليم الدولة أعماق الأرض والطبقات الهوائية التي تعلو إقليمها الأرضي والمائي، وذلك يكسب الدولة الحق في مباشرة اختصاصها وحقوقها على الأجواء العليا، سواء في الملاحة الجوية أو المواصلات والإذاعات (اللاسلكية). والدليل الشرعي العمل بالقاعدة الفقهية السابقة: (من ملك شيئاً ملك ما هو من ضروراته) والملكية عامة كانت أو خاصة تستتبع ملك ما فوق الأرض من طبقات الجو، وما تحتها من الأعماق، فيبني المالك مثلاً ما شاء فيها من طباق ويمارس عليها كل ما يكون له من حقوق بشرط عدم الإضرار بالآخرين، وتأمين مصالحهم الضرورية.
4 - الأقاليم المشتركة بين عدة دول :
19. ...............
تمارس الدولة المسلمة سيادتها على الأجزاء المشتركة بينها وبين دول أخرى بحسب المعاهدة أو الاتفاق المعقود، كما هو الحال بالنسبة إلى نظام المضايق التركية التي تشرف تركيا بموجبه على مضايق البوسفور والدردنيل بمقتضى معاهدة مونتريه في (26) تموز (يوليو) سنة (1936م)، مع الحفاظ على مبدأ حرية الملاحة للسفن التجارية. وكما هو شأن مضيق جبل طارق وطنجة الموضوعة في حالة حياد دائم بموجب اتفاقية تدويلها سنة (1923م) وكذلك المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية في الشمال والجنوب الشرقي تحكمها الاتفاقيات المعقودة. وهذا كله يعني أن سيادة الدولة على الإقليم المشترك إما ناقصة أو معدومة فلا تتبع دولة ما بحكم الحياد.
5 - ما لا يعتبر جزءاً من الإقليم ويمكن اعتباره امتداداً مشتركاً مشاعاً لإقليم كل دولة :
20. ...........
إن المناطق الحرة غير التابعة لدولة ما يمكن اعتبارها في الإسلام مشاعة لكل الدول على السواء؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولأنها لا تخضع لحيازة أحد، فتنتفع بها كل الدول بشرط عدم الإضرار بالآخرين كتلويث مياه البحار والجو بالغبار الذري، لأن الضرر ممنوع شرعاً لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا ضرر ولا ضرار» . وتشتمل هذه المناطق ما يأتي:
أ ـ أعالي البحار : الأصل في الشريعة أن البحار العامة ليست ملكاً لأحد لعدم الحيازة لها ، سئل بعض فقهاء الحنفية عن البحر الملح أمن دار الإسلام أو دار الحرب؟ فأجاب بأنه ليس من أحد القبيلين، لأنه لا قهر لأحد عليه.
ويؤيد ذلك الاعتماد على بعض قواعد الإسلام لتقرير مبدأ حرية البحار مثل مبدأ العدالة ومبدأ المساواة وقاعدة الحيازة الفعلية أو الحيازة الحكمية وأن الأصل في الأشياء والأعيان الإباحة، فالعدالة والمساواة تقضيان بجعل البحار مشاعة لجميع الدول، إذ لا حيازة لإحدى الدول عليها فعلاً أو حكماً مما يوجب رفض القول بمبدأ ملكية البحار والسعي لتقرير مبدأ حريتها .
ب ـ الفضاء الكوني : يعتبر الفضاء الكوني أيضاً حراً يجوز لكل دولة الانتفاع به قياساً على مبدأ حرية البحار العامة السابق ذكره لعدم الاستيلاء أو حيازة دولة ما له، ولكن مع مراعاة الشرط السابق وهو عدم الإضرار بالآخرين.
(ملاحظة 1) المقصود بأعالي البحار في العرف الحاضر:كل أجزاء البحر التي لا تدخل في البحر الإقليمي أو في المياه الداخلية لدولة من الدول. ويقصد بحرية البحار: أن يكون لكافة الدول أن تنتفع بها على قدم المساواة. ولا تخضع السفينة الموجودة في أعالي البحار إلا لاختصاص الدولة التي ترفع علمها.
(ملاحظة 2) بدأ رجال الكنيسة الكاثوليكية وعلى رأسهم البابا في العصر الواسيط بإدخال البحار في ملكية ملوك أوربا كي يتسنى لهم محاصرة الدولة الإسلامية عن طريق البحر المكتشف أو الذي سيعرف
(ملاحظة 3) توصلت بعض الدول الكبرى في عصرنا الحاضر إلى الفضاء الكوني بقذائف صاروخية تحمل كواكب صناعية تدور حول الكواكب السماوية، وتشرف على الكرة الأرضية، وتصور أي جزء منها، وترسل معلومات فلكية عن الفضاء والأشعة الشمسية إلى الدولة التي أطلقتها.
الركن الثالث: السيادة :
تمهيد :
1 - نظرية السيادة في المفهوم الحديث للدولة والنظريات البديلة كمعيار للدولة :
21. ......
السيادة فكرة حديثة نسبياً، فلم تكن معروفة حتى القرن السادس عشر، وهي تعني مجموعة من الاختصاصات تنفرد بها السلطة السياسية في الدولة، وتجعل منها سلطة آمرة عليا. ولعل أهم هذه الاختصاصات هو قدرتها على فرض إرادتها على غيرها من الهيئات والأفراد بأعمال من جانبها وحدها، تكون نافذة من تلقاء نفسها، دون أي توقف على قبول المحكومين لها.
ولا يصح الخلط بين السلطة السياسية والسيادة؛ إذ أن هناك فرقاً بين السلطة في ذاتها وأوصاف السلطة، فالسيادة في الواقع ليست إلا الصفة التي تتصف بها السلطة السياسية في الدولة، لأن السلطة ركن من أركان الجماعة، أما السيادة فهي وصف أو خاصية تنفرد بها السلطة السياسية في الدولة.
والمعيار التقليدي للدولة هو السيادة، فالذي يميز الدولة عن غيرها من الجماعات هو تمتعها بالسيادة.
وللسيادة مظهران أو وجهان ذكرتهما سابقاً ، وبينت أيضاً أن نظرية السيادة في المفهوم الحديث أصبحت نسبية؛ إذ أن سيادة الدولة صارت خاضعة داخلياً للخير العام القومي وخارجياً للخير المشترك الدولي.
ووجدت نظريات أخرى تحل محل نظرية السيادة المطلقة، منها نظرية (لاباند) وأساسها أن ما يميز الدولة هو ما تملكه من قوة للجبر والقهر تباشرها على أشخاص آخرين ، وهذه القوة هي حق خاص للدولة لم تستمده من سلطة أخرى.
ومنها نظرية (بلنيك) وهي تقول: أن ما يميز الدولة هو كونها تملك اختصاص إعطاء الاختصاص، فهي السلطة الوحيدة في الإقليم التي تملك حق وضع دستور ينظم الدولة، ويحدد اختصاص سائر الأشخاص والهيئات الموجودين على إقليمها.
وقال بعض فقهاء القانون الدولي: يمكن وضع معيار آخر مزدوج للدولة يتلخص في أمرين:
1 - عمومية اختصاص الدولة، أي أن الدولة تتمتع باختصاص عام في حدود إقليمها.
2 - الخضوع المباشر للقانون الدولي العام، فتستمد منه حقوقها وواجباتها، وتخضع لما يقيد حريتها في التصرف .
2 - تمييز السيادة عما يشتبه بها :
22. ...... ـ
يميز فقهاء القانون الدولي بين السيادة وبين بعض الأنظمة وبعض مظاهر نشاط الدولة التي قد تختلط أو تلتبس بها .
أ ـ التمييز بين السيادة والسلطة الفعلية :
يجب التمييز بين السيادة كحق قانوني وبين مباشرة السلطة الفعلية إذ من الجائز أن تباشر دولة أو هيئة دولية سلطة فعلية في إقليم لا يخضع لسيادتها، ومثالها نظامان:
1 - الإيجار: ومقتضاه أن تؤجر الدولة جزءاً من إقليمها لدولة أخرى، وتتولى الدولة المستأجرة إدارة الإقليم محل الإيجار، واستخدامه مقابل أجر معين تدفعه للدولة المؤجرة، كاستئجار أمريكا لمدة عاماً بعض مناطق في نيوفوندلند وبرمودا من إنجلترا بموجب اتفاقية سنة (1941م).
2 - الإدارة: ومقتضاه أن تتنازل دولة عن إدارة جزء من إقليمها إلى دولة أخرى، وتتولى الدولة المديرة إدارة الإقليم نيابة عن الدولة الأولى، ولمصلحة هذه الدولة، كنظام الوصاية الدولية تحت إشراف الأمم المتحدة.
ب ـ التمييز بين السيادة والملكية :
23. .......
للسيادة في القانون الدولي مدلول قانوني مبناه اعتبار الدولة أعلى سلطة في داخل إقليمها، واعتبار هذا الإقليم النطاق الذي تباشر الدولة سلطتها فيه، ولا يمكن تشبيه سلطات الدولة واختصاصاتها بالملكية الخاصة لفرد من الأفراد. فالقانون الداخلي لكل دولة يختص بتنظيم ملكية الأفراد أو الملكية العامة بتأثير مبادئ ونظريات معينة، وملكية الدولة لبعض الأموال في داخل إقليمها أو في أقاليم دولة أخرى شيء مختلف عن السيادة الإقليمية.
بعد هذا التمهيد أذكر أموراً ثلاثة:
• أولاً ـ فكرة السيادة في الدولة الإسلامية :
24. ......ـ
تتمتع الدولة الإسلامية بصفة السيادة في النطاقين الداخلي والخارجي بدءاً من الحكومة النبوية في المدينة وما تلاها من عهود مستقلة. ففي النطاق الداخلي: للدولة الهيمنة التامة على جميع الأشخاص والهيئات القائمة في دار الإسلام. فتلتزم الرعية بالطاعة والسمع ضمن حدود الشرع. قال النبي صلّى الله عليه وسلم : (لا طاعة في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف) .
وقال الماوردي: بعد أن ذكر ما يلزم الإمام من الأمور العامة: (وإذا قام الإمام بما ذكرناه من حقوق الأمة، فقد أدى حق الله تعالى فيما لهم وعليهم،
ووجب له عليهم حقان: (الطاعة والنصرة) ما لم يتغير حاله. والذي يتغير به حاله، فيخرج به عن الإمامة شيئان: أحدهما: جرح في عدالته. والثاني: نقص بدنه.
الجرح في عدالته وهو الفسق فهو على ضربين: أحدهما: ما تابع فيه الشهوة، والثاني: ما تعلق فيه بشبهة، فأما الأول منهما فمتعلق بأفعال الجوارح: وهو ارتكاب للمحظورات وإقدامه على المنكرات تحكيماً للشهوة وانقياداً للهوى، فهذا فسق يمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها...الخ) .
وفي موضوع تقليد الإمارة على الجهاد، قال الماوردي أيضاً: وأما ما يلزمهم -أي الجيش في حق الأمير عليهم - فأربعة أشياء:
ـ أحدها: التزام طاعته والدخول في ولايته، لأن ولايته عليهم انعقدت وطاعته بالولاية وجبت.
والثاني: أن يفوضوا الأمر إلى رأيه ويكلوه إلى تدبيره، حتى لاتختلف آراؤهم فتختلف كلمتهم، ويفترق جمعهم.
ـوالثالث: أن يسارعوا إلى امتثال الأمر والوقوف عند نهيه وزجره، لأنهما من لوازم طاعته.
ـ والرابع: أن لا ينازعوه في الغنائم إذا قسمها ويرضوا منه...).
وأما مظهر السيادة في المجال الدولي أو الخارجي فإن ذلك واضح مما قرره القرآن الكريم من مبدأ توفير العزة والاستقلال الكامل لدولة الإسلام دون السماح لأية سلطة أخرى بانتقاصه أو محاولة التسلط عليه، قال تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} [النساء:141/4] . وقال سبحانه: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} [المنافقون:63/8] .
والعزة تقتضي ـ كما ذكر سابقاً ـ الاستقلال ومن مستلزمات ذلك أوجب الفقهاء على الإمام (تحصين الثغور والحدود بالعدة المانعة والقوة الدافعة حتى لا تظفر الأعداء بغرق ينتهكون بها محرماً، أو يسفكون فيها لمسلم أو معاهد دماً) .
• ثانياً ـ نصاب الحاكمية أو حدها الأدنى في التحقق، والفرق بينه وبين الحد الأدنى في تطبيق الأحكام لتحقق مفهوم دار الإسلام :
25. ........
إن السيادة الثابتة للدولة الإسلامية بالمعنى السابق لا تتقيد إلا بقيود أو حدود الشرع أو بالتعبير الحديث (مبدأ سيادة القانون)، لأن من أولى واجبات الدولة الإسلامية (حفظ الدين على أصوله المستقرة وما أجمع عليه سلف الأمة) ، والحد الأدنى المطلوب شرعاً لتحقيق سيادة الشرع أو كون الحاكمية لله تعالى يتوافر بما يأتي:
1 - إقرار عقيدة التوحيد: إن أول مظهر للإسلام هو إعلان أصول عقيدته المعروفة: وهي الإيمان بالله تعالى وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره حلوه ومره من الله تعالى .
2 - التزام الأحكام المعلومة من الدين بالضرورة أو التي ثبتت بدليل قطع الثبوت قطعي الدلالة، كوجوب الصلوات الخمس والصيام والزكاة والحج، وتحريم جرائم الحدود: وهي الزنا والقذف والسرقة وشرب الخمر والمحاربة (أوقطع الطريق) وإيجاب العقاب المقرر لها وللقتل العمد العدوان، وتحريم الربا، والميسر، وزواج المحارم، وزواج المسلمة بغير المسلم، وإيجاب الكفارات المقدرة للإيمان أو انتهاك حرمة بعض الأنظمة أو الفروض الدينية .
3 - إنفاذ الأحكام الشرعية المنصوص عليها صراحة في القرآن الكريم أو في السنة أو في الإجماع كنظام المواريث والأسرة ومبادئ التعامل من رضا واختيار ونحوهما. وطرق الإثبات والقضاء، ونظم السلم والحرب، ونحو ذلك مما يتصل بالتزام الأوامر واجتناب النواهي.
4 - احترام مبادئ الإسلام السياسية والمدنية والاقتصادية: كمبدأ الشورى والعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والوفاء بالعهود والعقود والالتزامات، والحفاظ على الحقوق، وتحقيق الأمن، ودفع الأذى والضرر ومنع الظلم وجهاد الأعداء، وسد الذرائع إلى الفساد، وحماية الأنفس والأموال والأعراض، وإقرار المسؤولية الفردية وضمان الاعتداء أو الضرر، وتحريم الاحتكار والغش والتدليس والتطفيف في الكيل والميزان ، وعدم إهدار حرمة الملكية الخاصة مع مراعاة كونها ذات وظيفة اجتماعية، وتقييد جمع المال وإنفاقه بالقيود المشروعة.
وأما ما عدا ذلك من الأمور غير المنصوص عليها صراحة في الشريعة، فللعلماء المختصين الاجتهاد فيها، عملاً بأن الأصل في الأشياء النافعة هو الإباحة، وفي الأشياء الضارة هو الحظر أو المنع، ولقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «أنتم أعلم بأمر دنياكم» ، ولكن بشرط ألا يصادم الاجتهاد مبدأ أساسياً من مبادئ الإسلام أوأصلاً من أصول الشريعة، أي أنه لا بد لصحة الاجتهاد وسلامته من أن يكون متجاوباً مع روح الشريعة وأصولها ومقاصدها التشريعية، كما هو معروف في علم أصول الفقه.
والخلاصة: إن الحد الأدنى لحاكمية الله ، هو تطبيق الأحكام القطعية والمجمع عليها وإقامة الحدود، وأما بقية الأحكام الفرعية الثابتة فهي مكملة لهذه الحاكمية، إلا أن الإخلال بتطبيق الحد الأدنى لتلك الحاكمية لا يمكننا من الإسراع بالحكم بالتكفير وإزالة وصف الإسلام، لأن الحكم بالتكفير والتبري ليس بالهين ويحتاج إلى احتياط كما قرر الفقهاء، ولأن التكفير لا يكون إلا بالترك، اعتقاداً بعدم الصلاحية أو مجاهرة بإعلان الكفر صراحة.
26. ......
ويلاحظ أن هذا الحد الأدنى للحاكمية القانونية يختلف عن الحد الأدنى المطلوب لتحقيق مفهوم دار الإسلام، إذ يكفي لتحقيق مدلول دار الإسلام لتتميز عن دارا لحرب: إقامة شعائر الدين أو غالبها فيها، أو التمكين من أدائها، مثل إقامة صلاة الجمعة والجماعة والأعياد وإعلان الأذان .
أما كون الحاكمية أو السيادة القانونية لله فمعناه تطبيق شريعته وإطاعة أوامره، واجتناب نواهيه، والتزام الأحكام الواضحة الصريحة في القرآن الكريم والسنة النبوية لقوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخِيَرة من أمرهم} [الأحزاب:36/33] {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء:59/4] ، إذ بذلك يتحقق المقصود من إنزال الشرائع السماوية وتوفير النظام الصالح للبشرية.
• ثالثاً ـ هل يشترط وحدة السلطة على كافة أجزاء بلاد الإسلام؟
27. ..........
إن الأصل العام المقرر عند علماء الأشاعرة والمعتزلة والخوارج أن الإمامة والسلطة السياسية في دار الإسلام في المشرق والمغرب الإسلامي واحدة لأن الإسلام دين الوحدة، ولأن المسلمين أمة واحدة، رائدها التعاون والتضامن، وعدوها التفرق والتنازع والتمزق، قال الله تعالى: {إن هذه أمتكم أمة واحدة} [الأنبياء:92/21] {إنما المؤمنون إخوة} [الحجرات:10/49] {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا...} [آل عمران:103/3] {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات، وأولئك لهم عذاب عظيم} [آل عمران:105/3].
ويؤكد الرسول صلّى الله عليه وسلم على مبدأ الوحدة هذا، فيقول: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذُله ولا يكذِبه» «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» «إن المؤمن من أّهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد يألم لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس» .
وأجمع الصحابة يوم السقيفة لانتخاب خليفة بعد النبي صلّى الله عليه وسلم على أنه لا يجوز إمامان في وقت واحد، بدليل ما أجاب به عمر بن الخطاب الحُبَاب بن المنذر الأنصاري رضي الله عنهما حينما قال: (منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش): فقال: (سيفان في غمد إذن لا يصلحان).
وقرر الفقهاء إنه لا يجوز إمامان في بلد واحد، حتى وإن كانت الجهات متباينة لقيام العمال مقام الإمام الآخر في المقصود ولفعل الصحابة الذين امتثلوا أوامر الرسول صلّى الله عليه وسلم حيث قال: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه» «إنه لا نبي بعدي، وسيكون بعدي خلفاء فيكثرون، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: أوفوا ببيعة الأول، ثم أعطوهم حقهم، وسلوا الله الذي لكم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم» .
قال الماوردي وتبعه أبو يعلى: (إذا عقدت الإمامة لإمامين في بلدين لم تنعقد إمامتهما، لأنه لا يجوز أن يكون للأمة إمامان في وقت واحد، وإن شذ قوم فجوزوه) .
وقال ابن حزم: (ولا يحل أن يكون في الدنيا إلا إمام واحد، والأمر للأول بيعة) وأضاف أيضاً: (واتفقوا ـ أي الفقهاء ـ أنه لا يجوز على المسلمين في وقت واحد في جميع الدنيا إمامان، لا متفقان ولا مفترقان، ولا في مكانين، ولا في مكان واحد) .
28. ...........
وأجاز قوم تعدد الأئمة عند تباعد الديار، .... ( راجع الكتاب الأصلي للتفصيل ) ......
يليه بإذن الله
المطلب الثاني ـ نشأة الدولة الإسلامية :
من ..... المبحث الأول ـ أركان الدولة الإسلامية ونشأتها وشخصيتها :